الزواج عقد وثيق،
وشركة مقدسة،
حرص الإسلام على أن تدوم وتستقر وتتوطد
، ففرض لكل من الزوجين حقوقا،
وألزمه واجبات،
بحيث إذا التزماها سعاد بحياة زوجية هانئة وارفة الظلال.
وخلاصة هذه الحقوق والواجبات تتركز في كلمة واحدة هي المعاشرة بالمعروف
قال تعالى:
(وعاشروهن بالمعروف)،
وقال:
(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)،
والمعروف هنا
: ما يقره العرف السليم،
ويعتاده أهل الاعتدال والاستقامة من الناس،
من الصحبة الجميلة،
وكف الأذى،
بل احتماله من صاحبه،
وبذل الحق دون مطل
، مع البشر وطلاقة الوجه،
ولا يتبعه أذى أو منة.
والجميل حقا
: أن الآية السابقة جعلت الحقوق والواجبات متبادلة بين الزوجين،
فكل حق يقابله واجب.
قال ابن عباس رضي الله عنهما:
إني لأحب أن أتزين لامرأتي،
كما أحب أن تتزين لي
، لقوله تعالى:
(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)
وهو فهم دقيق لمفهوم الآية الكريمة.
ولكن الآية الكريمة جعلت للرجال على النساء درجة،
فما هذه الدرجة؟
بعض المفسرين ذهب إلى أنها درجة القوامة والمسؤولية عن الأسرة،
وهذه المسؤولية توجب على الرجل أعباء أكثر من المرأة.
ولهذا نقل القرطبي عن ابن عباس
في قوله تعالى:
(وللرجال عليهن درجة)،
قال:
الدرجة إشارة إلى حض الرجل على حسن العشرة،
والتوسع للنساء في المال والخلق
، أي أنه الأفضل فينبغي أن يتحامل على نفسه.
قال ابن عطية:
وهذا قول حسن بارع.
واختار الطبري أن أولى الأقوال في تفسير الآية:
أن الدرجة التي ذكرها الله تعالى هنا،
هي: الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها
، وإغضاؤه لها عنه،
وأداء كل واجب لها عليه،
وذلك ليكون للرجل فضل درجة عليها.
وهناك حقوق مشتركة بين الزوجين،
مثل الاحترام المتبادل
، والتشاور فيما يهم الأسرة،
كما قال تعالى في شأن الوالدات المرضعات:
(فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما).
ومنها:
حقوق المعاشرة الجنسية،
فهي حق لكل منهما على صاحبه بالمعروف في حدود الطاقة،
كما قال تعالى:
(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)،
وإنما عبر عن هذه العلاقة باللباس
، لما توحي به الكلمة من الزينة والستر واللصوق والدفء.
ومنها:
حق التعاون في السراء والضراء،
على البر والتقوى،
فإذا كان ذلك مطلوبا من المسلمين جميعا،
فأولى من يطلب منهم ذلك الرجل وامرأته.
ومنها:
حق حفظ أسرار الزوجية،
فلا يجوز لأحدهما أن يفشي سر صاحبه،
ففي ذلك خيانة للأمانة المشتركة.
ومنها:
حق التجمل
الذي أشار إليه ابن عباس بقوله:
أتزين لامرأتي،
كما تتزين لي امرأتي.