حقوق الزوجين
جعل الإسلام لكل من الزوجين حقوقًاكما جعل عليه واجبات، يجب أن يعلمها خير عِلم، حتى يؤدي ما عليه من واجبخير أداء، ويطلب ما له من حق بصورة لائقة، وإذا علم الزوج والزوجة ما لهوما عليه، فقد ملك مفتاح الطمأنينة والسكينة لحياته، وتلك الحقوق تنظمالحياة الزوجية، وتؤكد حسن العشرة بين الزوجين، ويحسن بكل واحد منهما أنيعطى قبل أن يأخذ، ويفي بحقوق شريكه باختياره؛ طواعية دون إجبار، وعلىالآخر أن يقابل هذا الإحسان بإحسان أفضل منه، فيسرع بالوفاء بحقوق شريكهكاملة من غير نقصان.
حقوق الزوجة:
للزوجة حقوق على زوجها يلزمه الوفاء بها، ولا يجوز له التقصير في أدائها، قال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: 228] .
وهذه الحقوق هي:
1-النفقة: أوجب الإسلام على الرجل أن ينفق على زوجته من ماله وإن كانتميسورة الحال، فيوفر لها الطعام والشراب والمسكن والملبس المناسب بلاتقصير ولاإسراف، قال تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقهفلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما أتاها} [الطلاق:7]. وقال:{وأسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} [الطلاق: 6].
وقدرغب النبي صلى الله عليه وسلم في النفقة على الزوجة والأبناء، فقال صلىالله عليه وسلم: (دينار أنفقتَه في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة،ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذيأنفقته على أهلك)_[مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: (إذا أنفق الرجلعلى أهله نفقة وهو يحتسبها (أي: يبتغى بها وجه الله ورضاه) كانت له صدقة)[متفق عليه].
وإذا أنفقت المرأة من مال زوجها في سبيل الله من غيرإفساد ولا إسراف، كان ذلك حسنة في ميزان زوجها، عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها -غير مفسدة- كان لها أجرها بماأنفقتْ، ولزوجها أجره بما كسب [مسلم].
وللزوجة أن تأخذ من مال زوجها-من غير إذنه- ما يكفيها، إذا قصر في الإنفاق عليها وعلى أبنائها، ولاتزيد عن حد الكفاية. فقد سألتْ السيدة هند بنت عتبة -رضي الله عنها- رسولالله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان (زوجها)رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم،فقال صلى الله عليه وسلم: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) [متفق عليه] .
2-حسن العشرة: يجب على الرجل أن يدخل السرور على أهله، وأن يسعد زوجتهويلاطفها، لتدوم المودة، ويستمر الوفاق. قال تعالى: {وعاشروهن بالمعروففإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} [النساء:19] .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجًا عمليّا لحسن معاشرةالنساء، فكان يداعب أزواجه، ويلاطفهن، وسابق عائشة -رضي الله عنها-فسبقتْه، ثم سابقها بعد ذلك فسبقها، فقال: (هذه بتلك) [ابن ماجه] وقال
خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [ابن ماجه] .
وقال صلى اللهعليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وألطفهمبأهله)_الترمذي]، وتقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: كان النبي صلى اللهعليه وسلم يكون في مهنة أهله (أي: يساعدهن في إنجاز بعض الأعمال الخاصةبهن)، فإذا سمع الأذان خرج. [البخاري، وأبوداود].
ولحسن العشرة بين الزوجين صور تؤكِّد المحبة والمودة، وهي:
-السماح للزوجة بالتعبير عن رأيها: فالحياة الزوجية مشاركة بين الزوجين،والرجل يعطي زوجته الفرصة لتعبر عن رأيها فيما يدور داخل بيتها، وهذا ممايجعل الحياة بين الزوجين يسيرة وسعيدة. ويجب على الرجل أن يحترم رأيزوجته، ويقدره إذا كان صوابًا، وإن خالف رأيه. فذات يوم وقفت زوجة عمر بنالخطاب لتراجعه (أي تناقشه) -رضي الله عنهما- فلما أنكر عليها ذلك، قالت:ولِمَ تنكر أن أراجعَك؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلمليراجِعْنه. [البخاري].
ولما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابةأن يتحللوا من العمرة ليعودوا إلى المدينة (وكان ذلك عقب صلح الحديبية سنةست من الهجرة)، تأخر المسلمون في امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم،وقد كانوا محزونين من شروط صلح الحديبية، وعدم تمكنهم من أداء العمرة فيذلك العام، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة -رضي الله عنها-فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت أم سلمة: يا رسول الله. أتحب ذلك؟ اخرج،ثم لا تكلم أحدًا منهم، حتى تنحر بُدْنَك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلميكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، فلما رأى المسلمون ما صنع النبي صلى اللهعليه وسلم زال عنهم الذهول، وأحسوا خطر المعصية لأمر النبي صلى الله عليهوسلم، فقاموا ينحرون هَدْيهَم، ويحلق بعضهم بعضًا، وذلك بفضل مشورة أمسلمة.
-التبسم والملاطفة والبر: يجب على الرجل أن يكون مبسوط الوجه معأهله، فلا يكون متجهمًا في بيته يُرهب الكبير والصغير، بل يقابل إساءةالزوجة بالعفو الجميل، والابتسامة الهادئة مع نصحها بلطف، فتسود المحبةتبعًا لذلك ويذهب الغضب.
فعن معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- قال: قلت:يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمتَ، وتكسوهاإذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح (أي: لا تقل لها: قبحك الله)، ولاتهجر إلا في البيت)
[أبو داود، وابن حبان]، وقال صلى الله عليه وسلم
استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضِلَع، وإن أعوج ما فيالضِّلَع أعلاه؛ فإن ذهبتَ تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج) [متفقعليه] .
3- تحصين الزوجة بالجماع: الجماع حق مشترك بين الزوجين، يستمتعكل منهما بالآخر، فبه يعف الرجل والزوجة، ويبعدا عن الفاحشة، ويُؤْجرا فيالآخرة. وللزوجة على الرجل أن يوفيها حقها هذا، وأن يلاطفها ويداعبها،وعلى المرأة مثل ذلك.
وقد اجتهد بعض العلماء؛ فقالوا: إنه يستحب للرجل أن يجامع زوجته
مرة-على الأقل- كل أربع ليال، على أساس أن الشرع قد أباح للرجل الزواج بأربعنسوة، ولا يجوز للرجل أن يسافر سفرًا طويلاً، ويترك زوجته وحيدة، تشتاقإليه، وترغب فيه. فإما أن يصطحبها معه، وإما ألا يغيب عنها أكثر من أربعةأشهر.
4- العدل بين الزوجات: من عظمة التشريع الإسلامي، ورحمة اللهبعباده المؤمنين، ومنعًا للفتنة وانتشار الفاحشة، ورعاية للأرامل اللاتياستشهد أزواجهن، وتحصينًا للمسلمين، أباح الإسلام تعدد الزوجات، وقصره علىأربع يَكُنَّ في عصمة الرجل في وقت واحد، والمرأة الصالحة لا تمنع زوجهامن أن يتزوج بأخرى، إذا كان في ذلك إحصان له، أو لمرض أصابها، أو لرعايةأرملة، أو لمجابهة زيادة عدد النساء في المجتمع عن عدد الرجال، فإذا تزوجالرجل بأكثر من واحدة فعليه أن يعدل بينهن، قال تعالى: {فانكحوا ما طابلكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم إلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكتأيمانكم} [النساء: 3].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من لا يتحرىالعدل بينهن، فقال صلى الله عليه وسلم: (من كانت له امرأتان، يميل معإحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط) [الترمذي]. وكانالنبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين زوجاته، حتى إنه كان يقرع بينهن عندسفره. [البخاري] .
والعدل بين الزوجات يقتضي الإنفاق عليهن بالتساوي فيالمأكل والمشرب، والملبس والمسكن، والمبيت عندهن، أما العدل بينهن فيالجانب العاطفي، فذلك أمر لا يملكه الإنسان، فقد يميل قلبه إلى إحدىزوجاته أكثر من ميله للأخرى، وهذا لا يعنى أن يعطيها أكثر من الأخرياتبأية حال من الأحوال.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: (اللهم هذا قسمي فيماأملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) [أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابنماجه]. وفي ذلك نزل قوله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولوحرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة} [النساء: 129] .
5-المهر: وهو أحد حقوق الزوجة على الزوج، ولها أن تأخذه كاملا، أو تأخذ بعضهوتعفو عن البعض الآخر، أو تعفو عنه كله، وقد ورد فيما سبق تفصيلاً.
حقوق الزوج:
يمثلالرجل في الأسرة دور الربان في السفينة، وهذا لا يعني إلغاء دور المرأة،فالحياة الزوجية مشاركة بين الرجل والمرأة، رأس المال فيها المودةوالرحمة، والرجل عليه واجبات تحمل أعباء الحياة ومسئولياتها، وتحملمشكلاتها، وكما أن للمرأة حقوقًا على زوجها، فإن له حقوقًا عليها، إذاقامت بها سعد وسعدت، وعاشا حياة طيبة كريمة، قال تعالى: {ولهن مثل الذيعليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم} [البقرة: 228] .
وقدسألت السيدة عائشة -رضي الله عنها- رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:أي الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: (زوجها)، فقالت: فأي الناس أعظمحقًّا على الرجل؟ قال: (أمه) [الحاكم، والبزار].
وللرجل على المرأة حقالقوامة، فعلى المرأة أن تستأذن زوجها في الخروج من البيت، أو الإنفاق منماله، أو نحو ذلك، ولكن ليس للزوج أن يسيء فهم معنى القوامة، فيمنع زوجتهمن الخروج، إذا كان لها عذر مقبول، كصلة الرحم أو قضاء بعض الحاجاتالضرورية. فما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم.
والقوامةللرجل دون المرأة، فالرجل له القدرة على تحمل مشاق العمل، وتبعات الحياة،ويستطيع أن ينظر إلى الأمور نظرة مستقبلية، فيقدم ما حقه التقديم، ويؤخرما حقه التأخير، قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهمعلى بعض وبما أنفقوا من أموالهم} [النساء: 34] .
ومن الحقوق التي يجب على الزوجة القيام بها تجاه زوجها:
1-الطاعة:
أوجبالإسلام على المرأة طاعة زوجها، ما لم يأمرها بمعصية الله تعالى، فلا طاعةلمخلوق في معصية الخالق، وقد أعدَّ الله تعالى لها الجنة إذا أحسنت طاعته،فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظتفرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) [أحمد،والطبراني].
وقال أيضًا: (أيما امرأة ماتت، وزوجها عنها راضٍ؛ دخلتالجنة) [ابن ماجه]. وروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأةإلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله. أنا وافدة النساءإليك؛ هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أجروا، وإن قتلواكانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن -معشر النساء- نقوم عليهم، فما لنا منذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج،واعترافًا بحقه يعدل ذلك (أي: يساويه (وقليل منكن من يفعله) [البزار،والطبراني].
2- تلبية رغبة الزوج في الجماع:
يجب على المرأة أن تطيعزوجها إذا طلبها للجماع، درءًا للفتنة، وإشباعًا للشهوة، قال صلى اللهعليه وسلم: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأىأحدكم من امرأة ما يعجبه فليأتِ أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه) [مسلم].وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا : (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلمتأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح) [البخاري، ومسلم،وأحمد].
ولا طاعة للزوج في الجماع إذا كان هناك مانع شرعي عند زوجته، ومن ذلك :
- أن تكون المرأة في حيض أو نفاس .
-أن تكون صائمة صيام فرض؛ كشهر رمضان، أو نذر، أوقضاء، أو كفارة، أما فيالليل فيحل له أن يجامعها؛ لقوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلىنسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: 187] .
- أن تكون مُحْرِمَة بحج أو عمرة .
أن يكون قد طلب جماعها في دبرها
ما يحلّ للرجل من زوجته في فترة حيضها:
يحرمعلى الرجل أن يجامع زوجته وهي حائض؛ لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء فيالمحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222]، ويجوز للرجل أن يستمتعبزوجته فيما دون فرجها.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلىالله عليه وسلم كان يأمر إحدانا إذا كانتْ حائضًا أن تأتزر ويباشرها فوقالإزار. [مسلم]. فإذا جامع الرجل زوجته وهي حائض، وكان عالمًا بالتحريم،فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، عليه أن يتوب منها، وعليه أن يتصدق بدينار إنكان الوطء في أول الحيض، وبنصف دينار إن كان في آخره؛ لقوله صلى الله عليهوسلم: (إذا واقع الرجل أهله، وهي حائض، إن كان دمًا أحمر فليتصدَّقْبدينار، وإن كان أصفر فليتصدَّقْ بنصف دينار)_[أبو داود، والحاكم]. ويقاسالنفاس على الحيض.
3- التزين لزوجها:
حيث يجب على المرأة أن تتزينلزوجها، وأن تبدو له في كل يوم كأنها عروس في ليلة زفافها، وقد عرفت أنواعمن الزينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ كالكحل، والحناء، والعطر.قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر)[الترمذي، والنسائي].
وكانت النساء تتزين بالحلي، وترتدي الثيابالمصبوغة بالعُصْفُر (وهو لون أحمر)، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلمصحابته ألا يدخل أحدهم على زوجته فجأة عند عودته من السفر؛ حتى تتهيأوتتزين له، فعن جابر-رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أنيَطْرُقَ الرجل أهله ليلاً.
[متفق عليه].
وما أبدع تلك الصورة التيتحكيها إحدى الزوجات، فتقول: إن زوجي رجل يحتطب (يقطع الأخشاب، ويجمعه منالجبل، ثم ينزل إلى السوق فيبيعها، ويشترى ما يحتاجه بيتنا)، أُحِسُّبالعناء الذي لقيه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرقحلقي، فأعد له الماء البارد؛ حتى إذا قدم وجده، وقد نَسَّقْتُ متاعي،وأعددت له طعامه، ثم وقفتُ أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ولج (دخل) الباب،استقبلته كما تستقبل العروسُ الذي عَشِقَتْهُ، فسلمتُ نفسي إليه، فإن أرادالراحة أعنته عليها، وإن أرادني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بهاأبوها. وهكذا ينبغي أن تكون كل زوجة
مع زوجها. فعلى المرأة أنتَتَعَرَّف الزينة التي يحبها زوجها، فتتحلى بها، وتجود فيها، وعليها أنتعرف ما لا يحبه فتتركه إرضاءً وإسعادًا له، وتتحسَّس كل ما يسره في هذاالجانب.
4- حق الاستئذان:
ويجب على المرأة أن تستأذن زوجها في أموركثيرة منها صيام التطوع، حيث يحرم عليها أن تصوم بغير إذنه، قال صلى اللهعليه وسلم: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد (أي: حاضر) إلا بإذنه، ولاتأذن في بيته إلا بإذنه) [متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا
ومن حق الزوج على الزوجة ألا تصوم إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت ولايقبل منها) [الطبراني]. ولا يجوز للمرأة أن تأذن في بيت زوجها إلا بإذنه،ولا أن تخرج من بيتها لغير حاجة إلا بإذنه.
عن ابن عباس وابن عمر قالا:أتت امرأة من خثعم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أيِّم(لا زوج لي)، وأريد أن أتزوج، فما حق الزوج؟ قال: (إن حق الزوج علىالزوجة: إذا أرادها فراودها وهي على ظهر بعير لا تمنعه، ومن حقه ألا تعطيشيئًا من بيته إلا بإذنه، فإن فعلتْ كان الوزر عليها، والأجر له، ومن حقهألا تصوم تطوعًا إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت، ولم يُتقبَّل منها، وإنخرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها الملائكة حتى ترجع إلى بيته أو أن تتوب)[البيهقى، والطبراني].
5- المحافظة على عرضه وماله:
يجب على المرأةأن تحافظ على عرضها، وأن تصونه عن الشبهات، ففي ذلك إرضاء للزوج، وأن تحفظمال زوجها فلاتبدده، ولاتنفقه في غير مصارفه الشرعية، فحسن التدبير نصفالمعيشة، وللزوجة أن تنفق من مال زوجها بإذنه. عن عائشة -رضي الله عنها-قالت: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها -غير مفسدة- كان لها أجرها بماأنفقت، ولزوجها أجره بما كسب. [مسلم].
6- الاعتراف بفضله:
يسعىالرجل ويكدح؛ لينفق على زوجته وأولاده، ويوفر لهم حياة هادئة سعيدة، بعيدةعن ذل الحاجة والسؤال، والرجل يحصن زوجته بالجماع، ويكفيها مئونة مواجهةمشاكل الحياة؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أمرت أحدًا أن يسجدلأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها) [أبو داود،والترمذي، وابن حبان].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أنيجحدن فضل أزواجهن، فقال صلى الله عليه وسلم: (اطلعتُ في النار، فإذا أكثرأهلها النساء؛ يكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منكشيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط) [البخاري]. ولا يخفى على الزوجة عظمفضل زوجها عليها، فعليها أن تديم شكره والثناء عليه؛ لتكون بذلك شاكرة للهرب العالمين.
7- خدمة الزوج:
الزوجة المسلمة تقوم بما عليها منواجبات، تجاه زوجها وبيتها وأولادها وهي راضية، تبتغي بذلك رضا ربِّهاتعالى، فقد كانت أسماء بنت أبي بكر تخدم زوجها الزبير بن العوام -رضي اللهعنه- في البيت، وكان له فرس، فكانتْ تقوم على أمره.
كما كانت فاطمة-رضي الله عنها، بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقوم بالخدمة في بيتعلي بن أبي طالب زوجها، ولم تستنكف عن القيام باحتياجاته، ولما طلبت منرسول الله صلى الله عليه وسلم خادمًا يعينها على شئون البيت، ولم يكن ذلكمتوفرًا، أمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تذكر الله إذا أوت إلىفراشها، فتسبح وتحمد وتكبر، فهذا عون لها على ما تعانيه من مشقة.
وهذا الحق من باب الالتزام الديني، وليس حقًّا قضائيًّا، وعلى هذا نصَّ الشافعي وأحمد وابن حزم وغيرهم