هذا هو الجزء الرابع من سلسلة علو الهمة..
سأذكر فيه جوانب من علو همة سلفنا الصالح أسأل الله أن ينفعنا به..
فلنبدأ على بركة الله...
نوح عليه السلام وعمر طويل في الدعوة..
ــ احتمل نوح عليه السلام ما احتمل في سبيل الدعوة، احتمل الإعراض والإستكبار والإستهزاء، ألف سنة إلا خمسين عاما، وعدد المستجيبين له لا يكاد يزيد، ودرجة الإعراض والإصرار على الباطل ترتفع وتزداد، وصورة نوح وهو لايفتر ولا يمل عن الدعوة، صورة مشرقة لإصرار الداعية على الدعوة، ملامح البشرية العنيدة تجلت في قومه، فوضعوا أصابعهم في آذانهم ضمانا لعدم تسرب الصوت، وستروا رؤوسهم بالثياب، وهي صورة غليظة لللإصرار والعناد، ومع ذلك ظل يدعوهم طيلة تلك العقود.
مؤمن يس الذي أكرمه الله بدعوته..
ــ هذا رجل سمع الدعوة فأستجاب لها بعد ما أرى فيها من دلائل الحق، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان، تحركت هذه الحقيقة في ضميره، فلم يطق عليها سكوتا، ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال، من حوله، ولكنه سعى بالحق في دعوة قومه "إني آمنت بربكم فأسمعون"، هكذا ألقى كلمة الإيمان الواثقة المطمئنة، واشهدهم عليها وهو يوحي إليهم ان يقولوها كما قالها، فقتلوه ووطئوه بأرجلهم، وادخر الله لهذا الشهيد الكرامة، قال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله:"ياقومي اتبعوا المرسلين"، وبعد مماته بقوله:"ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين".
دعوة موسى لقومه جعلت له مقاما عليا عند ربه...
ــ قال ابن تيمية فيما يرويه عنه ابن القيم الجوزية:"أنظر إلى موسى عليه السلام، رمى الألواح فيها كلام الله الذي خطه بيده فكسرها، وجر بلحية نبي مثله، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله عليه وسلم، وربه يحتمل له ذلك كله، ويحبه ويكرمه، لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له، وصدع بأمره، وعالج أمة القبط وبني اسرائيل، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر".
حبيبنا صلى الله عليه وسلم وتحمله الدعوة...
ــ روى أحمد عن رجل من بني مالك بن كنانة، قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخللها يقول:"يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، وأبو جهل يحثي عليه التراب ويقول: لا يغوينكم هذا عن دينكم، فإنما يريد لتتركوا آلهتكم ووتركوا اللات والعزى، وما يلتفت إليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
حبيبنا صلى الله عليه وسلم يدعو حتى آخر رمق في حياته..
ــ استمر يدعو ويوصي صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق لسانه المطهر قادرا على تبيينها، فعن ام سلمة رضي الله عنها، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يقول في مرضه الذي توفي فيه:"الصلاة، وما ملكت أيمانكم"، فما زال يقولها حتى مايفيض بها لسانه.
بلال بن رباح والدعوة تحت وطأة العبودية..
ــ هذا بلال بن رباح رضي الله عنه يعذبونه في الرمضاء، وقد وضعوا الصخر على صدره، وتركوه لأطفال مكة في طرقاتها، فيجهر بنشيده القدسي: أحد أحد.
عروة بن مسعود والموت في سبيل الدعوة...
ــ لما قدم عروة الطائف عشاء دخل منزله، فأتته ثقيف تسلم عليه بتحية الجاهلية، فأنكرها عليهم، وقال: عليكم بتحية اهل الجنة السلام، فآذوه ونالوا منه، فحلم عنهم، وخرجوا من عنده، فجعلوا يأتمرون به، وطلع الفجر فاوفى إلى غرفة له، فأذن بالصلاة، فخرجت إليه ثقيف من كل ناحية، ورماه رجل من بني مالك يقال له أوس بن عوف، فأصاب أكحله، ولم يرق دمه، فقام غيلان بن سلمة، وكنانة بن عبد ياليل، والحكم بن عمرو، ووجوه الأحلاف، فلبسوا السلاح، وحشدوا، وقالوا: نموت عن آخرنا أو نثأربه عشرة من رؤساء بني مالك، فلما رأى عروة بن مسعود مايصنعون، قال: لا تقتتلوا في، قد تصدقت بدمي على صاحبه، لأصلح بذلك بينكم، فهي كرامة اكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي واشهد ان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد اخبرني أنكم تقتلوني، وقتل على الفور.
يسلم على يده أربعة آلاف...
ــ هذا الداعية المبارك المهندس محمد توفيق بن احمد مؤسس دار تبليغ الإسلام، أثناء إقامته في سويسرا في بعثة هندسية، عمل بصمت منذ خمسة وستين عاما، وهو محرر مجلة البريد الإسلامي وصاحب امتيازها، اسلم على يديه أربعة آلاف من الأجانب، منهم قسيس يعمل استاذا للأدب في جامعة الفاتيكان، ومنهم قاضي جزيرة سان موريس، والقائد الهولندي كلنجر، الذي اسمى نفسه محمد توفيق كلنجر، تيمنا بمحمد توفيق، والعجيب في الأمر أنه درس في صغره في مدرسة تبشيرية، ولكنه بعد ذلك ابصر نور الحقيقة.
لله درهم من رجال...ما أعلى هممهم في الدعوة لك يارب من هو؟؟؟
قالت عنه زوجته والله لكتبه اشد علي من ثلاث ضرائر....؟؟؟
إذا كنت لم تقرأ الجزء السابق فأقرأه ثم أجب
هنا ينتهي الجزء الرابع...
ترقبوا الجزء الخامس بعنوان..
(علو الهمة في الصلاة)